[size=29]الإمساك
يستمتع الإنسان بطيبات ما رزقه الله سبحانه وتعالى، وسخّر له··· ويأتي انتقاء الغذاء إن حل الداء، ضمن وسائل العلاج القريبة من الاستطباب، فتكون هي الدواء·
يقوم الجهاز الهضمي الذي يشكّل أنبوبة متصلة من الفم إلى فتحة الشرج، باستقبال الطعام وهضمه ثم امتصاصه والتخلص من فضلات الطعام عبر طرحها···بعد أن تكون الأمعاء الدقيقة قد قامت بامتصاص كل ما هو مغذ من هذه الأطعمة، وحال وصول الفضلات إلى القولون يقوم عن طريق أجزائه المختلفة، وتقلصاته الدقيقة، بدفع الفضلات إلى نهاية القولون بعد أن يمتص نسبة 85% من سوائلها·
هذه المرحلة الأخيرة التبرز مختلفة بين الأشخاص، ولكن في المتوسط تقدر الحاجة للتبرز بـ 3 مرات يومياً كحد أقصى، أو 3 مرات أسبوعياً كحد أدنى، وبغير ذلك نكون أمام أحد مرضين أو حالتين الإمساك او الإسهال أو السهلان الصعبان، على حد تسمية بعض الأطباء لهما·
ابحث عن السبب
الطبيب الاستشاري موفق يحيى، رئيس قسم الأمراض الباطنية والسكري في مستشفى النور بأبوظبي، وضعنا أمام عدة معلومات تتصل بمرض الإمساك، أسبابه وأنواعه وطرق علاجه، يقول:
لا يصنّف الإمساك أو نقيضه الإسهال كمرض إلاّ في حال كونه مزمناً· ويعرّف الإمساك (القبض) بأنه: صعوبة مرور وخروج البراز، وقلة في عدد مرات الخروج (أقل من 3 مرات في الأسبوع)· نتيجة لبطء أو ضعف حركة الأمعاء·
وهنالك عدة أسباب للإمساك، منها ماهو عضوي، أو وظيفي غذائي، أو دوائي، أو نفسي ·
بالنسبة للأسباب العضوية، فهي تعني: انسداد في القولون أو ورم فيه، ضيق في الأمعاء، اعتلال في الشرج أو المستقيم، وجود بواسير، خراج، فتق الشرج (المستقيم)· وكذلك حالات مثل زيادة مستوى الكالسيوم في الدم، نقص مستوى البوتاسيوم في الدم، نقص أو زيادة إفراز الغدة الدرقية، بعض حالات داء السكري·
أما الأسباب الوظيفية، فالمقصود منها: إمساك غذائي شائع، نتيجة عادات غذائية غير صحية، كالاعتماد على تناول أنواع معينة من الطعام مثل الفطائر والمناقيش الحارة، والوجبات السريعة التي لا تحتوي أليافا ولا ماء·
بينما يُقصد بالأسباب الدوائية: تأثيرات جانبية لبعض الأدوية التي تسبب الإمساك، مثل: مضادات الحموضة، ومخففات السعال التي تحتوي على الكوديين، وأدوية ارتفاع ضغط الدم، وأدوية التهاب اللوزتين، وغيرها·
الأسباب النفسية
تبرز الأسباب النفسية، ضمن أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإمساك، بحيث تكون ذات منشأ نفسي أو عقلي، نتيجة لعادات وطبائع أو ضغوط نفسية، يقصد بها: تغيير في عادات المأكل، أوالســــفر، أوالإقلاع عن التدخين· الأهم من ذلك: الأرق في الليل، انشغال الذهن والشرود، الغضب والانفعال، حدة الطبع، تقلب المزاج···فاضطراب النفس والذهن يؤثر على عملية الهضم·
جميع تلك الأسباب تنتهي بأعراض تبدأ بإزعاج في المعدة، تتحول آلاماً وتحجراً أسفل المعدة، يرافقها شعور بالضيق والتوتر، لذا تجب المحافظة على حركة الأمعاء الطبيعية والاستجابة للرغبة في الإخلاء وعدم كبحها·
العابر والمزمن
هناك نوعان من الإمساك: عابر سريع، وآخر مزمن·
لكن امتداد مدة الإمساك لفترة طويلة، ومعاودة حدوثها للمصاب، تؤدي إلى حدوث بعض المضاعفات بسبب ارتفاع الضغط الداخلي للبطن، وبالتالي تسبب: البواسير، أو دوالي في الخصية، أوفتقا إربيا، أوتسبب تخربش الغشاء المخاطي للشرج أو المستقيم· لذا ينصح بضرورة التوجه إلى الطبيب المختص فور تكرار حالة الإمساك لدى المصاب·
أما الإمساك العابر، الذي لا يشكّل مرضاً أو حالة مزمنة، فهناك عدة أنواع من العقاقير التي تستخدم لعلاجه ويطلق عليها اسم الملينات أو المسهلات· يمكن استخدامها إنما بحذر·
فلذات الأكباد
أسباب وحالات الإمساك وعلاجه لدى الأطفال لاتختلف عما هي لدى الكبار·
فالعلاج المعتاد للإمساك لدى صغار السن يتم بتناول الألياف المتوفرة في الفواكه والخضار، والمزيد من الماء والسوائل الدافئة·
وفي حالة الأطفال الرضع، هناك الملينات، كشربة الذّرة، مستخلص الشعير، أو اللاكتيلوز Lactulose لأنها تقوم بزيادة احتفاظ البراز بالماء·
ويمكن استعمال تحميلات أو حقن للرضع، ·وينصح باستخدامها كأجراء عارض للإمساك الشديد، ولا يداوم على استخدامها إلا تحت إشراف طبي·
مداواة بلا دواء
الطبيعة بمائها وفاكهتها وخضارها ونباتها، صيدلية تشرّع أبوابها لنا، تداوينا بلا أدوية كيميائية، كما تقول د· مها كسواني/ أخصائية بالطب المداري والمخبري والصحة الدولية، جامعة ومشفى كوشان/ باريس·
وتبعاً لاختصاصها قدمت لنا نبذة عن الأغذية المفيدة في معالجة الإمساك:
يحتاج الجسم في حالة الإمساك إلى الماء والسوائل بمقدار 1 إلى 2 ليتر في اليوم، سواء بشكل ماء طبيعي أو عصير فواكه، أوحساء، أو سوائل دافئة· لذا يفترض الإكثار من السوائل الدافئة، والعصائر، وبعض الحلويات (المصنعة دون دقيق) والمربيات بأنواعــــها، وتناول أنواع معينة من الفاكهة والخضار·
معالجة عاجلة
تضع د· كسواني بين أيادينا، أصناف التغذية الصحيحة التي تشكّل معالجة عاجلة لحالة الإمساك، التي يُفترض أن تحويها وجبة المصاب به، وهي (20-30 غراما) من الألياف الغذائية يومياً، ونجدها في:
1-الخضار الطازجة سواء نيئة: الخس، البندورة، البقدونس، الفطر·
أو مطبوخة: باذنجان، كوسا، سبانخ/ تستهلك بكثرة حسب الرغبة·
2- أغذية تستهلك باعتدال لأن الإفراط منها يسبب غازات وإحساسا بالنفخة: الملفوف، الخيار، الفجل، اللفت، الحمص، العدس، حبوب الفاصولياء·
3- الفواكه: المشمش، الشمام، العنب، مع التشديد على أهمية الخوخ الذي يعد مليناً طبيعياً·
4- احتساء سوائل دافئة: الينسون، والحلبة، والنعناع، والزهورات· أوعصائر الحمضيات (برتقال، ليمون، كريفون) كل يوم·
5- عدم تجاهل أهمية ممارسة الرياضة والفعالية الحركية لعضلات البطن في معالجة الإمساك·
وتضيف د· كسواني منوهة إلى ارتباط الاضطراب الذهني والتأثيرات النفسية على تشكيل حالة إمساك:
لقد أوضحت عدة دراسات أن هناك علاقة وثيقة بين الاضطرابات النفسية والاضطرابات الحركية المعوية (الإمساك) ولا تعد العامل المرضي المسبب بل المحرض لإثارة النوبات، والأمثلة عن هذه العلاقة متعددة:
1- النساء المصابات باضطرابات نفسية (قلق، اكتئاب، علاقات اجتماعية صعبة) هن أكثر إصابة بالإمساك المزمن من غيرهن·
2-30% من الأشخاص الذين يميلون الى القلق مصابون بمرض تهيج القولون المزمن: تقلصات معوية تؤدي لآلام في المعدة وإمساك وأحيانا لإسهال أو تناوبهما·
3-عند الأطفال يوجد نوع من الإمساك عائد لأسباب نفسية وهو شائع نسبياً ولا يشفى إلا بالمقاربة النفسية وطمأنة الطفل·
أخيراً، تنصح د·كسواني، بضرورة التنبه إلى عواقب الإمساك الشائعة (عند النساء خاصة) فهناك ما يسمى بمرض المسهلات: استعمال المسهلات الذي يؤدي لتخرش الأمعاء والانتفاخ ومن ثم الإسهال مما يزيد الحالة النفسية سوءاً ويتطلب معها مقاربة نفسية لمعالجة المرض، لذا فإن اعتماد الغذاء الصحي المفعم بالفيتامينات والألياف والسوائل يقي من الإمساك ويشفي منه·
منقووول
[/size]